مؤسسة الشرق الأوسط للنشر العلمي
عادةً ما يتم الرد في غضون خمس دقائق
إنّ المتأمّل في الشّخصيّة الدّينية الإسلاميّة في الغرب الإسلامـي عموما، وفي منطقة السودان الغربـي (غرب إفريقيا) خصوصا يُلاحظ تمركزها حول معالم فكرية وعمليّة محدّدة؛ هي عقيدة الأشعرية أصولا، ومذهب المالكية في صورته المغربية فروعا، والتصوف الجنيدي سلوكا. ومن أجل فهم أمتن وأعمق لهذه الوحدة الفكرية واستقراء سياقات بنائها من النّاحيتين المعرفيّة والإيبستيمولوجيّة -تحديدا-في منطقة السودان الغربي خلال القرنين 10و11 الهجريين/ 16و17 الميلاديين، يهدف هذا المقال إلى تأصيل تاريخي وفكري للعلاقات العلمية والروحية التي كانت تربط أقطار الغرب الإسلامي خلال الفترة المدروسة والتي تميّزت بالتلاقّح الفكري والتواصل الاجتماعي بين المغرب الأقصى والأوسط والأدنى من جهة، والسّودان الغربي من جهة ثانيّة. وذلك في سياق الحديث عن عوامل انتشار العقيدة الأشعريّة في هذه المنطقة وأسباب نجاحها ودواعي تمسّك السودانيين بها، والكفيلة باستئناف العلاقات العلميّة والرّوحيّة بين شمال القارة وغربها راهنا، عبر العمل على الإبانة عن مميّزات الخطاب الأشعري في إحدى جغرافيات الغرب الإسلاميّ وبعضٍ من مكوّناته في عصره الكلاسيكي، بالإضافة إلى الكشف عن النظم والآليات المعرفية التي حكمته ووجّهت تعبيراته الرئيسية: الكلامية، والأصولية، والأخلاقية، والسياسية خارج مركز نشأته ومجال انتشاره.